متابعة: سناء عبدالله صدر كتاب (النجومية الإعلامية في مصر) لأستاذ الإعلام والدراسات الثقافية الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل. عن دار كتبخانه للنشر والتوزيع وهذا الكتاب يتناول ظاهرة لم تدرس علميا باللغة العربية من قبل على الرغم من أنها على ألسنة كل الناس تقريبا، وهو يوضح تاريخيا وثقافيا معنى النجومية أو الشهرة مفصلا دور الاختلاف الثقافي في صناعة النجم عامة ونجم الإعلام خاصة.
ويرصد هذا الكتاب دور الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها النجم الإعلامي في التأثير على ثقافته ومن ثم تحديد اختياراته في الحياة ومنظومة قيمه، بل وتحديد أولويات ما يناقشه في مقاله أو برنامجه التليفزيوني، وكذلك المحددات النفسية والاجتماعية لنجوميته الإعلامية.
ولا توجد النجوم الإعلامية بالطبع في فراغ سياسي، والكتاب يوضح أنه في بلد كمصر فإن نجومية ثقافة القراءة ليست أكثر ثباتا من نجومية ثقافة الصورة أمام رياح الإعلام والسياسة الهوجاء، بيد أنها أكثر رصانة ومرونة في التجدد والبقاء وإيجاد البديل.
والنجوم لا تصنعهم مهاراتهم وصفاتهم ومحددات نجوميتهم فقط، ولكنهم يتواجدون كصور تمتد فيما وراء أدائهم إلى شخصياتهم وطريقة حياتهم. وفي صناعات الترفيه الحديثة, فإن النجم هو جزء من الجهد الذي يصنع الصور الإعلامية من جهة ويروج للسلع والخدمات من جهة أخرى.
والكتاب يتضمن تأصيلا لمفهوم النجومية الإعلامية والتفرقة بينه وبين مفاهيم أخرى كالشهرة والبطولة، والتأصيل التاريخي الثقافي لتطور مفهوم النجومية الإعلامية في كل من المجتمعات الغربية والمجتمعات العربية الإسلامية وممثلتها مصر، ثم التعرف على المحددات النفسية والاجتماعية التي تصنع هذه النجومية، وبعد ذلك تطبيق هذه المحددات على دراسات الحالة المختارة: بلال فضل وباسم يوسف ونوّارة نجم.
آثرت دراسة الدكتور إسماعيل أن تختار نجما يمثل الصحافة المكتوبة (بلال فضل) ونجما يمثل التليفزيون (باسم يوسف) ونجما يمثل الإعلام الجديد وتحديدا المدونات (نوّارة نجم)، وتعد النجوم المختارة من جيل واحد، ولدوا في سنة واحدة تقريبا وتخرجوا في سنوات متقاربة.
والكتاب يناقش مناخ حرية الإعلام الواسع الذي يتيح للنجوم الموهوبين السطوع والتألق، ثم انحسار هذا المناخ بفعل عوامل سياسية واقتصادية، داخلية وخارجية والذي يفرز “أشباه نجوم” أو “أنصاف نجوم” متشابهة الاهتمامات قليلة الموهبة.
إذ يقرر أن نموذج النجم الباقي في ثقافة كثقافتنا العربية الإسلامية هو البطل الشعبي الذي يحارب أعداء الداخل والخارج، فالبطل أو النجم الناقد للسلطة قد يكون ظاهرة قصيرة الأجل مقارنة بالنجم الذي يتماهى مع نموذج البطل الشعبي.
وهو يحلل ذلك في الثقافة العربية الإسلامية ففي ظل تلك الثقافة، كان الخليفة أو السلطان هو صانع النجم الشهير منحةً وهبةً منه، وكثيرا ما انقلب على النجم فإما يجبره على أكل أصابعه بعد أن يقطعها أمامه كما حدث مع ابن المقفع وإما يطارده إلى أقصى الأرض كما حدث مع المتنبي.
ولم ينس الكتاب أن يرصد دور ثقافة الهجوم (ثقافة الهدم والبناء) في تأسيس النجوم لخطاب إعلامي متميز وجريء وصادم وهو عنصر أساسي في نجوميتهم، وبسط الكتاب تفسيراتهم لهذا المنحى في توجههم المهني والذي يترتب عليه استجابات مبدعة، وهو النموذج الذي أسماه المؤلف بنموذج (التحدي – الاستجابة).